من مبادئ الرياضيات الأساسية أن المجموعة تتكوّن من عناصر مفردة تتحد في بينها لتكوّن مجموعات صغيرة تتندمج بدورها لتكوّن المجموعة الأكبر و الاشمل. و يحدث أيضا ان تلك التكتلات من المجموعات الاصغر قد تغلب بلونها على المجموعة الرئيسية فتصبح بذلك علميا و حسابيا اغلبية. لكن للشعب التونسي المبدع في العلوم و الرياضيات رأي آخر في الموضوع.
يوم 27 فيفري الماضي كانت اغلبية الشعب التونسي تهدر في ساحات و ميادين ( كما التحرير و التغيير في مصر و اليمن) المدن التونسية مطالبة باسقاط الحكومة ..في مساء ذلك اليوم طلع محمد الغنوشي في التلفزة و اطلق عبارته الشهيرة " نحب الاغلبية الصامتة ماتقعدش ساكتة" فاتضح انّ للشعب التونسي اغلبية اخرى هي اغلبية ساكنة صامتة لم يسمع بها احد من قبل هرعت ليلتها بالآلاف الى حومة سي محمد الغنوشي تناشده العودة الى مقر الحكومة في القصبة .
اليوم بعد اشهر من الاعتصام المذكور منحت وزارة الداخلية عشرات التراخيص لأحزاب جديدة نجح اثرها الشعب التونسي العظيم في تحطيم المعادلات الرياضة مجددا و أصبحت لديه اغلبيات كثيرة، فهناك اغلبية يمينية اسلامية و اغلبية اخرى يسارية شيوعية و اغلبية ثالثة تنادي بزيادة الاجور و رابعة تدعو للعمل و تحريك الاقتصاد الوطني ، و اغلبية خامسة تغلق الطرق بمخفضات السرعة العشوائية و اخرى تغلق الطرق بعمليات السطو و البراكاج ، و اغلبية تسبّ الامن تقابلها اغلبية تطالب بعودة الامن، و اغلبية تدافع عن البيئة و اغلبية تدعم ثوّار ليبيا و سوريا و اغلبية اخرى تحذر من خطر المؤامرة على نظامي العقيد القذافي و بشار الاسد و اغلبية اخرى تريد حذف التحليل على الزطلة و اغلبية تحب المزود و اغلبية تعشق الراي الحزين و اغلبية تحب الراب و اغلبية لعشاق تامر حسني و و اغلبية تناشد باعث القناة و اغلبية من مدمني بروموسيونات شركات الاتصال .. و عندما تذهب للمسجد تجد اغلبية و عندما تذهب الى "ديبو" الخمور تجد اغلبية و عندما تذهب الى ملاعب الكرة تجد اغلبية اخرى مختلفة و في البناءات الغير مكتملة البناء هناك اغلبية و في المناطق المنزوية من الغابات و الحدائق هناك اغلبية اخرى من الكوبلوات..الخ
قبل ايام سمعت رئيس احد الأحزاب المرسكلة يقول في بلاتو تلفزي انّ حزبه في نسخته القديمة كان يضمّ اغلبية تقدّر بـ3 ملايين تونسي يختلفون عن البقية بكونهم من البنائين لأنهم من أسس لهذه البلاد كل ماتفخر به اليوم من مكاسب و انجازات و البقية حسب رئيس الحزب لم يساهموا باي ياجورة او كعبة طوب فيها. و دائما حسب السيّد الرئيس فإن اغلبية الـ3 مليون البناء تونسي تختلف عن باقي الشعب الكريم . وهذا صحيح من نواح عديدة فهم مختلفون كأغلبية لانهم لا يقبلون التعايش مع اية اغلبيات اخرى ، و من مبادئ بناة الجمهورية انه غير الممكن التعايش مع اغلبيات اخرى رغم انّ مهنة البناء تستدعي عادة عمالا و مساعدين و خاصة خلال اهمّ مراحل البناء وهي الصبّة او الدالة. فهل انّ اغلبية البنائين اغفلت خلال شانطي بناء الجمهورية المرحلة الاهمّ من عمليات البناء و هي الصبّة ؟؟ ام انهم يوظفون بقية الشعب اي السبعة ملايين المتبقية كصبابين (عمال صبة)، و في هذه الحالة يكون اغلبية الشعب من الصبابين لا من البنائين؟؟ ام انّهم انفسهم يقومون عند الاقتضاء بإدارة اعمال الصبة رغم ان البنـّاء لا يقوم عادة بمهام العامل الأقل رتبة (خدّام) ؟؟
في كل الاحوال فإنّ هذا الشعب المتميّز الخارق للعادة بدا يتعوّد على مفاهيم غابت عن وعيه لعقود كمفهوم التسامح و التعايش و التنوّع و الاختلاف . و لا يبدو انّ هنالك بوادر لعودة الشانطي من جديد فالاغلبية الغالبة على الشعب اليوم لا يريد ان تعود من جديد لنفس المرمّة التي اعيته و ارهقته و استنزفته (حتى العظم) .
ازمة اقتصادية:
من يتابع الاحتجاجات الجارية اليوم في اليونان يلاحظ العنف الذي تتسم به المواجهات بين المتظاهرين و قوات البوب اليوناني و خاصة من المتظاهرين الذين يستعملون العصيّ و الحجارات و زجاجات المولوتوف الحارقة ،يقابلها تدخل سلمي (نوعا ما) لقوات البوليس.. و يرجح بعض المحللين الامنين و خبراء الاقتصاد انّ ازمة اليونان الاقتصادية اثّرت حتى على مقدرات البوب اليوناني الذي لا يملك و لو كرطوشة واحد ليطلقها على المتظاهرين
ة
1 commentaire:
الأغلبية متاع الغاء التحليل عالزّطله..نحسّها هي الاغلبية الوحيدة القادرة على تجميع التونسيين تحت سقف واحد ...عكس الاغلبيات الاخرى التي يبدو انها مكوّنة من المغامرين والغوغائيين من الذين لا يمكن للمواطن العادي ان يثق بهم فما بالك بائتمانهم على مستقبل بلاده..بل ان اغلبية التحليل هي الوحيدة التى تمتلك برنامجا واضح المعالم لمواجهة اخطار المستقبل في ظل الاضطرابات التي يشهدها العالم اليوم
Enregistrer un commentaire